حذّر الكاتب محمد ذو الفقار رحمة في أبريل من استمرار تدفق الطلاب الإندونيسيين بهدوء إلى المؤسسات الإسرائيلية، معتبراً ذلك موقفاً غير منطقي دبلوماسياً وغير مقبول أخلاقياً.
وأكد أنّ هذا المسار ما زال مفتوحاً رغم تصعيد إندونيسيا دعمها لفلسطين في الأمم المتحدة، وإرسالها آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية، وتنظيمها مظاهرات ضخمة في أنحاء البلاد.
ويرى أنّ التناقض لم يعد خفياً بل أصبح جرس إنذار صريح.
أفاد موقع ميدل إيست آي أنّ مجموعة جديدة من طلاب الزراعة من مقاطعة نوسا تنجارا الشرقية غادرت في أواخر يوليو إلى إسرائيل، ضمن برنامج تدريب يقارب العام في مركز عرابا الدولي للتدريب الزراعي.
وأوضح أنّ البرنامج جزء من اتفاق رسمي وُقع عام 2014 بين رجل الأعمال الصيني الإندونيسي أغوس سوهرمان والمركز الإسرائيلي، وبلغ عدد الطلاب الإندونيسيين المسجلين في دفعة 2024-2025 نحو 100 طالب.
وأشار إلى أنّ الحكومة الإندونيسية وإن لم تعترف رسمياً بإسرائيل، فإن هذا البرنامج يمثل شكلاً من أشكال الاعتراف، حيث يحصل الطلاب على تأشيرات إسرائيلية ويتدربون في مؤسسات إسرائيلية ويعملون على أراضٍ إسرائيلية، في الوقت الذي يتعرض فيه الفلسطينيون للحصار والقصف والتهجير والسجن.
يصف الكاتب هذا التعاون بأنه تواطؤ مقنّع تحت ستار البراغماتية، ويؤكد أنّ التناقض صار فاضحاً بين رفع الأعلام الفلسطينية في جاكرتا وبين إرسال طلاب إلى دولة تمارس سياسات قمعية ضد الفلسطينيين.
ففي 3 أغسطس، احتشد آلاف الإندونيسيين في النصب الوطني بالعاصمة، رافعين شعارات العدالة لغزة، بينما تظاهر آخرون أمام السفارة المصرية للمطالبة بفتح معبر رفح.
ويرى الكاتب أنّ المساعدات الكبيرة التي تقدمها إندونيسيا، مثل إعلان وزير خارجيتها عن إرسال 10 آلاف طن إضافية من الأرز ومشروعات زراعية لدعم الأمن الغذائي الفلسطيني، لا تعوّض الضرر السياسي الناتج عن إرسال طالب واحد إلى إسرائيل.
ويفند الكاتب حجج من يعتبرون برامج التبادل الأكاديمي شأناً غير سياسي، موضحاً أنّ "الإنجازات" الزراعية الإسرائيلية قائمة على أراضٍ ومياه مسروقة، وفي ظل اقتصاد الاحتلال.
ويشبّه تدريب الطلاب الإندونيسيين في صحراء عرابا بمشهد موازٍ لمزارعين فلسطينيين يفقدون محاصيلهم تحت الحصار والقصف، مؤكداً أنّ التعليم هنا ليس محايداً بل أداة لتلميع صورة إسرائيل.
كما يوضح أنّ المركز التدريبي ليس مؤسسة تابعة لليونسكو، بل جزء من منظومة تسعى لإبراز التفوق التكنولوجي الإسرائيلي وإخفاء قمعه، وأنّ مشاركة أي طالب إندونيسي تمثل شهادة ضمنية على القبول بالتطبيع.
ويصف ذلك بأنه تبادل للمبدأ مقابل الوصول إلى المعرفة.
ويؤكد الكاتب أنّ سياسة عدم الاعتراف بإسرائيل كانت خطاً أخلاقياً قبل أن تكون إجراءً بيروقراطياً، وأن هذا الخط جرى تجاوزه عبر منافذ صغيرة كبرامج التدريب والرحلات التي تُفرغ الغضب الشعبي من محتواه السياسي.
ويرى أنّ لإندونيسيا بدائل كثيرة للتدريب الزراعي في دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند وتركيا والبرازيل، دون المساس بالقيم والمواقف.
ويختم بالتشديد على أنّ فلسطين لا تحتاج صدقة من إندونيسيا بل تحتاج تضامناً حقيقياً، وهذا التضامن يتطلب التضحية، حتى وإن كان الثمن هو التخلي عن تقنيات الري المتقدمة إذا كانت ملوثة بالظلم.
ويطرح تساؤلاً حاسماً: هل فلسطين بالنسبة لإندونيسيا قضية سياسية أم أداة دعائية؟ وهل الاحتلال خط أحمر أم منطقة رمادية؟ داعياً إلى وقف إرسال أي طالب إلى إسرائيل، الآن ودائماً ودون أي استثناء.